على أنه ينبغي التنبيه من خلال الاستعراض لمظاهر قوة جبريل - عليه السلام - الخلقية أن هذه الخلقة العظيمة التي هيأه الله -تعالى ذكره- بها تحمل في طياتها تهيئته بحمل الأجهزة التكوينية المناسبة لحفظ كلام الجبار - سبحانه وتعالى - عند استماعه، ثم نقله له كما هو إلى النبي - ﷺ - بالسرعة المطلوبة في الوقت المعين... ولذا كان جبريل - عليه السلام - أول من يقوم من الصعق عندما يتكلم الله - عز وجل - بالوحي –كما سيأتي إن شاء الله تعالى- (١).
المطلب الثاني: صفاته - عليه السلام - من حيث سجاياه الخُلُقية:
١) كريم: كما في قوله - سبحانه وتعالى - ﴿ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ﴾ "التكوير/١٩"، وهي صفة تقتضي نفي المذام كلها، وإثبات صفات المدح اللائقة به (٢)، وفي تفسيرها يقول الآلوسي -رحمه الله تعالى-: "عزيز على الله سبحانه وتعالى" (٣)، وقال ابن كثير -رحمه الله تعالى-: "ملك حسن الخلق بهي المنظر" (٤)، وفي التحرير والتنوير في معنى كريم أنه: "النفيس في نوعه" (٥).
... فقد جمعت له كلمة "كريم" كل المحامد، كما أظهرت تميزه بخصائص لا توجد لسواه من الملائكة، فهو نفيس بين الملائكة.
٢) ذو قوة:"أي شديد، وقيل: المراد القوة في أداء طاعة الله - سبحانه وتعالى -، وترك الإخلال بها من أول الخلق إلى آخر زمان التكليف، وقيل: لا يبعد أن يكون المراد قوة الحفظ، والبعد عن النسيان، والخلط" (٦).

(١) انظر: المبحث الثالث من هذا الفصل.
(٢) البحر المحيط ٨/٤٣٤، مرجع سابق.
(٣) روح المعاني ٣٠/١٠٤، مرجع سابق.
(٤) ابن كثير٤/٤٠٩، مرجع سابق.
(٥) انظر: التحرير والتنوير٣٠/١٥٣، مرجع سابق.
(٦) روح المعاني ٣٠/١٠٤، مرجع سابق.


الصفحة التالية
Icon