تلقي النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن الكريم عن جبريل

فهي ملكةٌ دائمةٌ ثابتةٌ، وسجيةٌ متجددةٌ: إذ الأمين هو الذي يحفظ ما عُهِدَ له به حتى يؤديه دون نقص، ولا تغيير.
وأمين (فعيل) إما بمعنى مفعول: أي مأمون من أمنته على كذا، وإما صفة مشبهة من أمُن بضم الميم، إذا صارت الأمانة سجيته (١).
وسر الإتيان بقوله تعالى ﴿ ثَمَّ ﴾ بين هاتين الصفتين (مطاع، أمين) في قوله - عز وجل - ﴿ مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ﴾ : أن ﴿ ثَمَّ ﴾ ظرف مكان للبعيد، والمراد أنه موصوف بذلك في السماء، وهو يوحي بلزوم اكتفائكم بهذه الأوصاف المطمئنة القاذفة لليقين بسلامة الرسالة، ودقتها، وأنها كما أرادها الله - سبحانه وتعالى -، وكما قالها فهي قرآن لم تطرأ عليها بارقة تغيير من أحد من المخلوقين؛ إذ الكلام عن غيب ما أدراكم به أنتم؟ فلتسمعوا وصفه من مرسله، وخالقه، وحسبكم أنه بهذه المكانة في ذلك المكان الأعلى، ولو شاء الله - عز وجل - ما تلا عليكم ما أُمر بتبليغه، ولذا قال الآلوسي: "والمقام يقتضي تعظيم الأمانة؛ لأن دفع كون القرآن افتراء منوط بأمانة الرسول" (٢)... كيف وقد قال - عز وجل - :﴿ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا... ﴾ "الحاقة/٤٤"؟، وقرئ ثُم (بالضم) تعظيماً لوصف الأمانة، وتفضيلاً على سائر الأوصاف (٣)، فالعطف بها للتراخي في الرتبة؛ لأن ما بعدها أعظم مما قبلها (٤)، وقال الزمخشري:"وقرئ ثُم تعظيماً للأمانة وبياناً؛ لأنها أفضل صفاته المعدودة" (٥).
ولهذه الأمانة مقتضاها العملي الهام في جهتين: