-جهة في ذاته: بأن يكون في أعلى درجات الخشية لله تعالى، والمراقبة له: وهذه وإن كانت سجية دائمة ملازمة للملك من حيث هو ملك، إلا أنها في جبريل - عليه السلام - ظاهرة التميز، فعن جابر قال: قال رسول الله - ﷺ - :(مررت ليلة أسري بي بالملأ الأعلى، وجبريل - عليه السلام - كالحلس البالي من خشية الله تعالى) (١).
-جهة في غيره: وهو أن يكون جبريل - عليه السلام - إذ اتصف بها: مقبول القول، يصدق فيما يقول، مؤتمن على ما يرسل به من وحي، وامتثال أمر، مؤدياً لما أؤتمن عليه أحسن الأداء، وأدقه فدخل في ذلك أن يؤدي لفظ القرآن أحسن أداء، وأتقنه... بل أن ينقله على أقوم هيئة أُمر بها... فأعظم ما أؤتمن عليه تأدية ألفاظ القرآن.
٥) ﴿ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ ﴾ "التكوير/٢٠": أي هو ذو مكانة رفيعة عند الله العظيم جل جلاله، فـ ﴿ مَكِينٍ ﴾ (فعيل) من مكن إذا علت رتبته عند غيره، يعني هو ليس من أفناد الملائكة، بل هو من السادة الأشراف معتنى به انتخب لهذه الرسالة العظيمة، وعدل عن اسم الجلالة إلى (ذي العرش) بالنسبة لجبريل - عليه السلام - لتمثيل حال جبريل - عليه السلام - ومكانته عند الله - سبحانه وتعالى - بحالة الأمير الماضي في تنفيذ أمر الملك، وهو بمحل الكرامة لديه (٢).
(٢) التحرير والتنوير ٣٠/ ١٥٦، مرجع سابق.