فقد تمت كلمات الله صدقاً وعدلاً (١)، وكان مما تم أنه: ﴿ لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ ﴾ "الأنعام/١١٥"تأكيداً على أهمية الحفاظ على لفظ القرآن؛إذ هو المعبر الوحيد، والسبيل الفريد لتأويل معناه، وسبر غوره، وإدراك مغزاه... وأي تبديلٍ في لفظه، أو تحريف في أدائه، مُلْبِسٌ لمعناه بما اكتنفته عقول البشر من معانٍ.
وإذا كانت الآية جاءت على سبيل الخبر؛ فإن الفهم العملي القائم على أسس البناء الفقهي ارتكازاً على تقريرات أصول الفقه في باب الخبر والأمر– يحتم جعل هذه الحقيقة الإلهية في إطارها الواقعي، ومن ثم تكوين أدوات التنفيذ لإحالة هذه الحقيقة إلى واقع، مع اليقين بأن حدوث ذلك أمر قدر كوني... للضمان الإلهي الظاهر في الآية السابقة... فتكوين الأدوات الواقعية لحفظ ألفاظ القرآن الكريم إنما هو تناغم مع الحقيقة الإلهية الحتمية... كما يجتمع النفي في آية الأنعام المتقدمة مع الإثبات في آية الحجر ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ "الحجر/٩" ليظهر السياج الإلهي المتين الذي حفظ لفظ القرآن الكريم من أن يطرأ عليه أدنى تغيير، أو أن تعتريه شائبة تطوير من ساهٍ أو من متعمد.

(١) إشارة إلى قوله تعالى: ﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلا... ﴾ " الأنعام /١١٥".


الصفحة التالية
Icon