فإن اعتُرض بأنه قد جاء: الوحي القرآني في غار حراء والملَك متجسدٌ للنبي - ﷺ - ظاهرٌ بارز ؟. فالجواب: بل كان الوحي في غار حراء من أشد ما لقيه النبي - ﷺ - في تلقي الوحي القرآني وذلك ظاهر، حتى رجع النبي - ﷺ - بالوحي ترجف بوادره (١)، ثم قد جاء أن النبي - ﷺ - قد شُقَّ صدره هناك، وحسبك بذاك تهيئةً وشدةً لو صح، على أن تجسد الملَك له في غار حراء كان في بدايات الوحي تمهيداً لأن يعتاد الاتصال بالملَك دون أن يعتريه ضعف جسماني، ولا شك عقلي في أن الذي يتصل به ليس إلا ملك، ولذا قال صاحب التحرير والتنوير: "فكانت قواه البشرية يومئذ غير معتادة لتحمل اتصال القوة الملكية بها مباشرة، فكان ذاك –يعني التجسد– رفقاً بالنبي - ﷺ - أن لا يتجشم شيئاً يشق عليه" (٢).
٧- وبعد ذا القرب تكون مرحلة الإلقاء والتعليم: حيث يلقي الملَك

(١) البخاري ١/٤، مرجع سابق.
(٢) التحرير والتنوير ٢٦/٩٧، مرجع سابق.


الصفحة التالية
Icon