وهو أن يبتدئ بما يدل على ما بعده، أو هو أن يشتمل أول الكلام على ما يناسب الحال المتكلم فيه، كسورة الفاتحة التي هي مطلع القرآن فإنها مشتملة على جميع مقاصده، وكقوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴾ (١).
(٢٩)
التهكم
وهو الاستهزاء بالمخاطب، مأخوذ من تهكم البئر إذا تهدمت كقوله تعالى: ﴿ ذق إنك أنت العزيز الكريم ﴾ وهو خطاب لأبي جهل، لأنه قال: ما بين جبليها -يعني مكة- أعز ولا أكرم مني.
وقال تعالى: ﴿ فبشرهم بعذاب اليم ﴾ فالبشارة إنما تورد في الأمور السارة اللذيذة، وقد أوردها هنا في عكسها تهكما بهم وغضبا عليهم.
وقال تعالى: ﴿ هذا نزلهم يوم الدين ﴾ (٢).
(٣٠)
حسن التخلص
حسن التخلص هو: أن ينتقل مما ابتدئ به الكلام إلى المقصود على وجه سهل يختلسه اختلاسا دقيق المعنى بحيث لا يشعر السامع بالانتقال من المعنى الأول إلا وقد وقع عليه الثاني لشدة الالتئام بينهما.
كقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ{١﴾ قُمْ فَأَنذِرْ﴿٢﴾ } ثم تخلص بعد ذلك إلى ما هو المقصود بقوله: ﴿ ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً ﴾ فلما اتعظ الرسول بالأمر بالإنذار عقبه بالوعيد الشديد للوليد بن المغيرة.
ومنه قوله تعالى: ﴿ سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا ﴾ ثم تخلص بذكر حكم الزانية والزاني إلى ما هو المقصود بعدما قدم ما قدمه من ذكر السورة المفروضة(٣).
(٣١)
التخييل
وهو تصوير الشيء حتى يتوهم أنه ذو صورة يشاهد وأنه مما يظهر في العيان كقوله تعالى: ﴿ طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ ﴾ (٤).
الفصل الثاني
المحسنات اللفظية
(١)
الجناس
الجناس: هو تشابه اللفظين في اللفظ.
(٢) انظر الإتقان٢/٩٠
(٣) انظر الإتقان٢/٢٩٢
(٤) روض البيان ٧٠