ولم يُرد بقوله ﴿ بَل فَعَلَهُ كَبِيرُهُم هَذَا ﴾ نسبة الفعل الصادر عنه إلى الصنم، فدلالة هذا الكلام عجز كبير الأصنام عن الفعل بطريق الحقيقة.
ومن أقسامة أن يخاطب الشخص والمراد غيره سواء كان الخطاب مع نفسه أو مع غيره كقوله تعالى: ﴿ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ﴾ ﴿ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم ﴾.
وبعد أن عرفنا معنى التعريض نبين الفرق بينه وبين الكناية فيما يلي:
أن الكناية واقعة في المجاز –على قول البعض خلافا للرازي- بخلاف التعريض فلا يعد منه، وذلك لأن التعريض مفهوم من جهة القرينة فلا تعلق له باللفظ لا من جهة حقيقته ولا من جهة مجازه.
أن دلالة التعريض من جهة التلويح والإشارة، وهذا لا يستقل به اللفظ المفرد، بخلاف الكناية التي تقع في المفرد والمركب.
أن التعريض أخفى من الكناية، لأن دلالة الكناية مدلول عليها من جهة اللفظ بطريق المجاز بخلاف التعريض فإنما دلالته من جهة القرينة والإشارة.
ولا شك أن كل ما كان اللفظ يدل عليه فهو أوضح مما يدل عليه اللفظ وإن علم بدلالة أخرى.
ومن أجل هذا فرق علماء الشريعة بين صريح القذف وكنايته وتعريضه، فأوجبوا في الصريح الحد مطلقا في قوله: "يا زاني".
وفي كنايته الحد إذا نوى به في مثل: "يا فاعلا بأمه".
ولم يوجبوا في التعريض الحد في مثل: "يا ولد الحلال"(١).
المبحث الرابع: مراتب الأساليب السابقة في البلاغة:
أطبق البلغاء على:
أن المجاز أبلغ من الحقيقة
وأن الاستعارة أبلغ من التصريح بالتشبيه
وأن التمثيل على سبيل الاستعارة أبلغ من التمثيل لا على سبيل الاستعارة
وأن الكناية أبلغ من الإفصاح بالذكر.
قال الشيخ عبد القاهر: ليس ذلك لأن الواحد من هذه الأمور يفيد زيادة في المعنى نفسه لا يفيدها خلافه، بل لأنه يفيد تأكيداً لإثبات المعنى لا يفيده خلافه.

(١) المثل السائر ٢/١٨٦، والطراز ١٨٧


الصفحة التالية
Icon