أما ما جاء في آل عمران من التعبير بالفعل في الحالتين في قوله تعالى: ﴿ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الَمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ{٢٧﴾ } لأن السياق في آل عمران هو في التغيير والحدوث والتجدد عموما: فالله يؤتي ملكه من يشاء، ويعز من يشاء أو يذله، ويغير الليل والنهار، ويخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي، وغير ذلك من الأحداث، فالسياق كله حركة وتغيير وتبديل فجاء بالصيغة الفعلية الدالة على التجدد والتغيير والحركة.
أما السياق في سورة الأنعام فمختلف إذ هو في صفات الله وقدرته وتفضله على خلقه(١).
٢- ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لاَ يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاء عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنتُمْ صَامِتُونَ ﴾ [الأعراف١٩٣] ففرق بين طرفي التسوية فقال: "أدعوتموهم" بالفعل ثم قال: "أم أنتم صامتون" بالاسم، فلم يسو بينهما فلم يقل: أدعوتموهم أم صمتم، أو: أأنتم داعوهم أم صامتون.
وذلك أن الحالة الثابتة للإنسان هي الصمت، وإنما يتكلم لسبب يعرض له، فجاء بالدلالة على الحالة الثابتة بالاسم "صامتون" وجاء للدلالة على الحالة الطارئة بالفعل "دعوتموهم"(٢).
والفعل المضمر كالمظهر في ذلك، ومن ثم قالوا: سلام إبراهيم أبلغ من سلام الملائكة في قوله تعالى: ﴿ قَالُواْ سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ ﴾
(٢) التعبير القرآني٢٤، والكشاف ٥٩٢