فإن سلام إبراهيم جملة اسمية، وسلام الملائكة انتصب بفعل محذوف أي نسلم سلاما، وما كان ثابتا مطلقا أبلغ مما عرض له الثبوت(١).
المبحث الثاني: الفرق بين المعرفة والنكرة
المعرفة: ما دل على شيء بعينه.
والنكرة: ما دل على واحد لا بعينه، وتطلق فتدل على:
إرادة الوحدة كقوله تعالى :﴿ وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى ﴾ أي رجل واحد.
إرادة الجنس كقوله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِن مَّاء ﴾ أي جنس الدواب.
الوحدة والجنس نحو: "جاءني رجل" فـ"رجل" هنا تدل على رجل واحد، وعلى جنس الجائي(٢).
المبحث الثالث: التعريف والتنكير
إن مجيء لفظ في القرآن معرفة، ومجيء لفظ آخر نكرة، ومجيء لفظ آخر معرفة في موضع ونكرة في موضع آخر لم يكن مصادفة في القرآن، إنما هو مقصود في كل موضع، وجيء به على تلك الحالة لينسجم السياق مع الذي ورد فيه ويتناسق معه، وإن تدبر السياق في الآية يقود إلى معرفة الحكمة من ذلك، وسر اختيار اللفظ معرفة أو نكرة(٣).
ونذكر مثالا على ذلك كلمة "حياة" وردت في القرآن نكرة في آيات ومعرفة في آيات أخرى.
من المواضع التي وردت فيها "حياة" نكرة قوله تعالى: ﴿ َلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ ﴾.
نُكرت"حياة" هنا للتحقير، لأن الكلام فيها عن اليهود وذمهم وتوبيخهم لحرصهم على الحياة الدنيا، فالآية تخبر عن حرص اليهود على أن يعيشوا حياة مديدة وأن تطول أعمارهم، وهم في هذا أحرص الناس على اختلاف أجناسهم حتى المشركين والوثنيين، فاليهودي يتمنى لو يطول عمره بسبب حرصه على "حياة".
وتنكير "حياة" يشير إلى أنهم في حرصهم هذا يريدون أن يعيشوا أية حياة، فهم لا يهمهم نوع الحياة التي يعيشونها هل هي عزيزة أو ذليلة، حقيرة أو كريمة، المهم عندهم هو أن يعيشوا "حياة" يتنفسون فيها ويتحركون ويأكلون ويشربون.
(٢) روض البيان ١٥.
(٣) إعجاز القرآن البياني ٢٣٠