وهي: تركيب لغير ما وضع له لعلاقة المشابهة مع قرينة مانعة من إرادة معناه الأصلي.
أو هي: أن يكون وجه الشبه فيها منتزعا من متعدد.
كقولك للرَّجل يتردَّد في الشّيءِ بين فعلهِ وتركه :"أراكَ تقدَّم رِجلاً وتؤخَّرُ أُخرى".
فالأصل في هذا :"أراك في تردُّدكَ كمنْ يقدم رجلاً ويؤخّر أخرى" –وهو هنا تشبيه لا مجاز لتصريحك بأداة التشبيه- ثم اختُصر الكلام وجُعل كأنه يقدّم الرَّجْلَ ويؤخّرها على الحقيقة، كما كان الأصلُ في قولك :"رأيتُ أسداً" :" رأيت رجلاً كالأسد " ثم جُعل كأنّه الأسد على الحقيقة.
وكذلك تقولُ للرجل يعملُ غيرَ مُعْمل :" أراك تنفخُ في غير فحم".
ومثاله في القرآن قوله تعالى: ﴿ واعتصموا بحبل الله جميعا ﴾ شبه استظهار العبد بالله ووثوقه بحمايته والنجاة من المكارة باستمساك الواقع في مهواة بحبل وثيق مدلى من مكان مرتفع يأمن انقطاعه.
وقوله تعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ ﴾ شبه حال الملتزم بمشقة غيره بحال من يحمل متاع غيره.
وقوله تعالى حاكيا عن إبليس: ﴿ ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴾ مثلت هيئة التوسل إلى الإغواء بكل وسيلة بهيئة الباحث الحريص على أخذ العدو إذ يأتيه من كل جهة حتى يصادف الجهة التي يتمكن فيها من أخذه فهو يأتيه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله حتى تخور قوة مدافعته(١).
المبحث الثالث: الكناية
هي لفظ أريد به لازم معناه مع جواز إرادة ذلك المعنى لعدم وجود قرينة مانعة من إرادته، نحو: "فلانة بعيدة مهوى القُرط" ومهوى القرط هو المسافة من شحمة الأذن إلى الكتف، وإذا كانت هذه المسافة بعيدة لزم أن يكون العنق طويلا.