تأتي أخطاء من هنا وهناك حول هذه المسائل، فمثلاً النبي - ﷺ - كيف يكون تعظيمه؟ فننظر للصحابة كيف تعاملوا معه، فنعرف تعظيمه، وهم لم يتخذوه وسيلة بينهم وبين الله، فلا يأتي أحد ويقول إن من تعظيمه اتخاذه وسيلة بيننا وبين الله في الدعاء، لأن الصحابة الذين أنزل عليهم القرآن وكان حياً بين أظهرهم لم يصنعوا هذا. كذلك كل شعيرة من شعائر الدين لها نوع من التعظيم، مثلاً الله يقول: وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ [الحج: ٣٦]. وتعظيمها بأن تقلد وتهدى إلى البيت وتنحر، فنحرها هدياً بالغ الكعبة من تعظيمها.
استسمان الأضاحي من تعظيم شعائر الله، لكن لا يمكن أن نقول: إن نحر الحجر أو استسمانه من تعظيمه، فننظر كيف عظم النبي - ﷺ - شعيرة الحجر؟ بدأ به مقبلاً بوجهه، ومن أخطائنا أن نأتي بجواره ونضعه على يسارنا، والصواب أن يأتي الإنسان أول المطاف إلى الحجر فيقابله بوجهه، فالنبي - ﷺ - :(استلمه وقبله) وفي رواية (سجد عليه ثم جعل الكعبة عن يساره) كما قال جابر، أي: بعد أن استلم الحجر. إذا تعظم شعيرة الحجر باستلامها أو بتقبيلها، وإذا عجزنا فبالإشارة إليها كما فعل النبي - ﷺ -.
مكانة الحجر الأسود
هذا الحجر جاء في الأثر أنه نزل من السماء أشد بياضاً من اللبن فسودته خطايا بني آدم. وهذا الموروث القديم حتى الجاهليون كانوا يعلمونه، ولذلك اختصموا في وضعه، وقدر للنبي - ﷺ - أن يضعه لما وضعه في رداء، ثم أخذت كل قبيلة بطرف، ولو لم يكن لهذا الحجر قدر، لما من الله على نبيه بأن يكون وضع الحجر على يديه، لأن الله لا يختار لنبيه إلا الأفضل والأكمل، ولو لم يكن للحجر شأن، لما بدأ النبي - ﷺ - به، دون أركان الكعبة كلها، ولو لم يكن للحجر شأن لما قبله - ﷺ -.