المعنى الثاني وهو منقول عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، وقاله ابن عباس وسعيد بن جبير وبعض السلف؛ قالوا: إن المعنى أن تأتي بها من دويرة أهلك، وهؤلاء لا يقولون إن الحج لا يقع إلا من دويرة الأهل؛ لكنهم يقولون إن الإنسان إذا كان قد أخرجه الحج من دويرة أهله، فهذا الذي أتم الحج والعمرة لله، وأما من خرج لغير الحج ثم بدا له أن يحج أو أن يعتمر فيقولون: إن الحج مجزئ وإن العمرة مجزئة، ولا خلاف في قبولها إن شاء الله إن كانت صحيحة مستوفية أركانها وواجباتها؛ لكنهم يقولون: إنه لا يدخل ضمن قول الله: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة: ١٩٦]، وبتعبير أوضح: ليست في صفاتها المثلى، أو ليست في صورة كمالها. وإنهم يقولون: إنه لا معنى للآية إلا هذا؛ لأن كل عمل أنت مطالب أن تتمه، ولا بد أن يكون في الآية عندهم زيادة في المعنى؛ لأن الله ما قال: وأتموا الصلاة لله، ولم يقل: وأتموا الزكاة لله، ولم يقل: وأتموا الصيام لله؛ لأنه لا بد أن يكون كل شيء لله، ولا بد أن يكون كل شيء تاماً، لكنهم قصدوا أن تمامها أن تأتي بها من دويرة أهلك.


الصفحة التالية
Icon