ثم إنه - ﷺ - أتى المنحر - وهو مكان في منى آنذاك كان مخصصاً للنحر - فنحر هديه، وكان معه عليه الصلاة والسلام مائة ناقة، وعلي رضي الله عنه خرج من اليمن حاجاً يقول في تلبيته: أهللت بما أهل به رسول الله - ﷺ - فأشركه فيها.
وقد نحر منها - ﷺ - ثلاثاً وستين بيده، وروى أحمد في المسند بسند صحيح (أنها تأتي على هيئات خمس أو ست، وكانت تتسابق أيهن يبدأ بها) وهذا من عظيم كرامته - ﷺ - عند ربه. فنحر ثلاثاً وستين بيده وترك لعلي رضي الله عنه الباقي. فلما نحر - ﷺ - أتى بعد ذلك الحلاق فحلق رأسه، وقيل: إن الحلاق اسمه معمر جاء في بعض الروايات أنه معمر بن عبد الله، وقد أمر أن يبدأ بالشق الأيمن، ثم قسم - ﷺ - شعره بين الناس للتبرك؛ لأنه يجوز التبرك بشعر النبي عليه الصلاة والسلام، لكن لم يبق منه شيء. ثم إنه أتى بيته - ﷺ - فطيبته عائشة لحله قبل أن يطوف بالبيت، أي تحلل من إحرامه وطيبته عائشة لحله كما طيبته لإحرامه، والتطييب في الإحرام يكون في البدن لا في الثوب على الأظهر.