فجعلوا (ثم) في آية البلد بمعنى الواو، وكذلك هنا في سورة البقرة، وهذا أحد الأقوال في المسألة، ولولا الإجماع المنقول وإن كان لم يثبت بكسرة لقلنا إن الترتيب: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ [البقرة: ١٩٩] أي: الإفاضة من مزدلفة إلى منى وهذا يجعل الآية على سياقها وعلى ترتيبها ولا يكون في ذلك حاجة.
الاستغفار بعد العبادة
المقدم: في مثل هذه الآيات يأتي ربط الاستغفار والذكر بنهاية الأعمال: فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ - وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ [الشرح: ٧-٨]، ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ - فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ [البقرة: ١٩٩-٢٠٠]، والاستغفار بعد الصلاة أيضاً؟
الجواب: الاستغفار بعد الصلاة يشعر العبد أن عمله كان فيه تقصير، والله يقول: بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ [سبأ: ١٥] حتى يعلم حاجتهم إلى ربهم، فعلى هذا كان النبي - ﷺ - يستغفر بعد صلاته، وهذه أجل الأماكن وأشرفها وأعظمها وهي مشاعر عظيمة، والعبد فيها متلبس بالإحرام وهو في أوبة وتوبة وعبادة للملك الديان ومع ذلك يؤمر بالاستغفار لأن الاستغفار في ذاته عبادة، كما حكى الله عن نبيه صالح عليه السلام قال: لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [النمل: ٤٦].
الربط بين آيتين في الحج
السؤال: نرجو أن تربط بين قوله تعالى: فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا [البقرة: ٢٠٠] وفي آيات الحج لما ذكر الانتهاء قال: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج: ٢٩] هنا لا يشعر بأنه نهاية مناسك، وهناك يشعر بنهاية مناسك؟