والأيام المعدودات التي هنا في سورة البقرة: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ [البقرة: ٢٠٣]، لا خلاف على أنها أيام التشريق اليوم ١١ و ١٢ و١٣. وأما قول الله جل وعلا في سورة الحج: وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ [الحج: ٢٨]، فالأيام المعلومات هي أيام التشريق ويضاف إليها يوم النحر وتصبح ٤ أيام. وأول أيام التشريق هو اليوم ١١ من شهر ذي الحجة ويسمى يوم القر؛ لأن الحجاج لم يؤذن لهم بالتعجل فيه، وفي هذا اليوم يستقرون في منى وليس لهم نسك يرتحلون إليه في اليوم التاسع بل يكونون في منى ثم يأتون عرفة، وفي عشية عرفة يكونون في عرفة ثم يرتحلون إلى مزدلفة وهي ليلة النحر، وفي اليوم العاشر يكونون في منى ويذهبون إلى مكة لطواف الإفاضة. أما في اليوم ١١ فالأصل أن الحاج قد انتهى من طواف الإفاضة، ويجوز طواف الإفاضة في اليوم ١١ لكن الأصل أنه قد انتهى ولم يبق له إلا أن يستقر في منى ولم يؤذن له بالتعجل؛ لأن هذا اليوم ١١ فيسمى: يوم القر، وقد خطب النبي - ﷺ - فيه ضحى.
المقدم: هل الذكر يكون خاصاً بالحجاج أم يشمل غير الحجاج؟
الشيخ: ذكر الله جل وعلا من أجل مناقب الصالحين، قال الله تعالى: وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ [الأحزاب: ٣٥]، وقال - ﷺ - :(سبق المفردون، قالوا: من المفردون؟ قال: الذاكرون الله كثيراً والذاكرات)، وهذا الذكر جاء في القرآن مقيداً ومطلقاً، جاء مقيداً في الآيات التي سبقت.
قوله: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ [البقرة: ٢٠٣]، فهذه الأيام تعني: الزمن، وهو حتى في هذا القيد ينقسم إلى مقيد ومطلق، بمعنى: أن الحجاج في منى يكبرون تكبيراً مقيداً في أدبار الصلوات المكتوبة في الثلاثة الأيام، فيبدأ التكبير لأهل الأمصار فجر يوم عرفة، وينتهي بغروب شمس آخر أيام التشريق.