منها : أن في قراءة أبي بن كعب وابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم ما يرجح ذلك ففي قراءة أبي (١) وعبد الله بن عباس :( ويقول الراسخون في العلم آمنا به ) (٢). وهذه القراءات احتج بها العلماء لهذا القول وهو استدلال صحيح - وإن لم تكن متواترة - فإنها على أقل الأحوال كالتفسير الثابت عن كبار الصحابة ولذا قال الحافظ ابن حجر والسيوطي في قراءة ابن عباس :
( أقل درجاتها أن تكون خبرا بإسناد صحيح إلى ترجمان القرآن فيقدم قوله في ذلك على من دونه ) اهـ (٣).
ولا شك عندي أنها أقوى من التفسير لأنها خبر صحيح عن قراءة صحابة أجلاء علماء، فهم قد تلقوا ذلك... وفي الآية قرائن تدل على أن الله سبحانه منفرد بعلم تأويل المتشابه (٤) منها : أنه تعالى ذم متبعي المتشابه ابتغاء الفتنة وابتغاء معرفة تأويله. فلو كان ابتغاءهم تأويله ممدوحا ما ذمهم بذلك ثم سكت عن التفصيل في موضع يحتاج الخلق فيه للبيان.
وهذه الآية الكريمة مفصلة لحكم صنفين من المسلمين، الراسخون في العلم، وغيرهم، فأهل الرسوخ أخبر الله عن مقالته أنهم يقولون :( آمنا به كل من عند ربنا ). فالمحكم والمتشابه من عند ربنا ونحن نؤمن بهما. و لأن المعنى على الوقف على :( إلا الله ) أظهر إعرابا وأقيس في العربية (٥) فـ(الراسخون في العلم ) مبتدأ خبره :
(٢) وسندها عن ابن عباس على شرط الشيخين فقد رواها عبد الرزاق في تفسيره ١ / ٣٨٣ رقم ( ٣٧٧ ) من طريق معمر عن ابن طاوس عن أبيه ورواها أيضا الحاكم ٢ / ٢٨٩ والطبري ٣ / ١٨٢ و الداني في المكتفى صـ ١٩٥ – ١٩٦ مع قصة. وينظر الدر ٢ / ٦
(٣) فتح الباري ٨ / ٢١٠ و الإتقان ٢ / ٤
(٤) الروضة لابن قدامة صـ ٦٨
(٥) ينظر : تفسير البغوي ٢ / ١٠ و البحر ٢ / ٣٨٤ و التحرير شرح التحبير للمرداوي ٣ / ١٤١٤