( يقولون آمنابه ) كما تقدم. وهذا الإعراب هو الظاهر وإن جعلت الواو عاطفة فـ
﴿ يقولون ﴾ حال، وقيل : خبر والمبتدأ محذوف ( (١) ).
قالوا : ولم يقل الله تعالى ( والراسخون في العلم يقولون علمنا به ). وجرى هذا مجرى قول القائل : ما يعلم ما في البيت إلا زيد وعمرو يقول: آمنا به. ومعناه أنه مصدق له، ولا يقتضي مشاركته في العلم بما في البيت ( (٢) ).
القول الثاني :
أن يصل القارئ ثم يقف على قوله تعالى :﴿ والراسخون في العلم ﴾ وعليه فالراسخون في العلم يعلمون تأويل المتشابه ويقولون آمنا به، وهم بذلك داخلون في الاستثناء. وهذا قول مجاهد ورواه عن ابن عباس قال :(( أنا ممن يعلم تأويله ))(٣) وبه قال : محمد بن جعفر بن الزبير والربيع بن أنس و ابن قتيبة وعلي بن سليمان الأخفش وأبو سليمان الدمشقي واختاره أيضا : الخطيب البغدادي في كتابه الفقيه والمتفقه وابن الحاجب والنووي ( (٤) ).
وقد نسب القول به إلى طائفة يسيرة من أهل السنة( (٥) ). وقد فصلت القول فيه في موضع آخر بأوسع من هذا. ولله الحمد
واحتجوا بأدلة :
١ -…أن الخطاب بما لا يعلم معناه بعيد. وأجاب الأولون عن الدليل الأول :
بأن الله تعالى يجوز أن يكلفهم الإيمان بما لا يطلعون على تأويله، ليختبر طاعتهم، قالوا كما اختبرهم بالحروف المقطعة مع أنه لا يعلم معناها ( (٦) ) على الصحيح.
(٢) العدة لأبي يعلى ٢ / ٦٩٠ وشرح الكوكب المنير لابن النجار ٢ /١٥٠
(٣) تفسير الطبري ٢ / ٢٠٣
(٤) ينظر :( القطع ص٢١٣ و الفقيه والمتفقه ١ / ٦٣و زاد المسير ١ / ٣٥٤ و شرح صحيح مسلم ١٦ /٤٣٤ والإتقان ٢ / ٢-٣ وتنبيه الغافلين ١٢٥ – ١٢٦ ).
(٥) المصادر السابقة.
(٦) شرح الكوكب ١ /١٥٥-١٥٦