٢-…أنه لو لم يكن الراسخون يعلمون تأويله لم يكن لهم فضيلة على غيرهم، لأن الجميع يقولون آمنا به. و أجابوا عن الثاني : بأن المزية ثابتة لهم بمعرفة غيره من الأحكام فهم راسخون في العلم لمعرفتهم معاني المحكم، وعملهم بما علموا، و تورعهم عن القول فيما لا يعلمون.
٣ -…أن ذلك يفضي إلى أن يتعبد بالشيء المجهول. و أجابوا عن هذا : بأن التعبد بالشيء المجهول غير ممتنع كما تعبدنا بالإيمان بالملائكة وبالرسل وإن لم نعرف جميعهم وتعبدنا بالإيمان بالكتب وإن لم نعرف ما فيها.
٤ -…ولأن الله لم ينزل في كتابه شيئا إلا وقد جعل للعلماء طريقا إلى معرفته. ( (١) )
و أجابوا عن هذا : بأن الله تعالى أنزل أشياء وليس إلى معرفتها سبيل كمعرفة كنه صفاته سبحانه وكيفيات أفعاله وغير ذلك وهذا الأخير بمعنى الدليل الأول. ( (٢) )
ومن الأدلة التي ذكرت لهذا القول قوله تعالى :﴿ تبيانا لكل شئ ﴾ ( (٣) ) قالوا على قولكم ليس في القرآن بيان المشكل. وهذه الآية يجاب عنها بالجواب المشهور وأنها لا تقتضي جميع الأشياء كما قال تعالى:﴿ وأوتيت من كل شئ ﴾ ( (٤) ). ولم تؤت مثل ذكر الذكر ولحيته ولا ما أوتي سليمان في ملكه، وهذا معروف في لغة العرب فلا يطول بتفصيله. ( (٥) )
ومن الأدلة التي ذكرت لهذا القول قول الزركشي :
( إن الكل قائلون به لأننا لم نر المفسرين إلى هذه الغاية توقفوا عن شئ من القرآن فقالوا متشابه بل أمروه على التفسير حتى فسروا الحروف المقطعة ) اهـ. ( (٦) )
كثير ١ /٣٥٥
(٢) ينظر المصادر السابقة وروضة الناظر ١ /١٨٧
(٣) النحل - ٨٩
(٤) النمل -٢٣
(٥) ينظر العدة ٢ / ٦٩٢ و أصول الفقه لأبي الوفاؤ ابن عقيل ٤ / ١٨
(٦) البرهان ٢ /٢٠٢