وقال :( لفظ التأويل مجمل يراد به ما يؤول إليه الكلام فتأويل الخبر نفس المخبر عنه وتأويل أسماء الله وصفاته المقدسة بمالها من صفات الكمال ويراد بالتفسير التأويل وهو بيان المعنى المراد وإن لم نعلم كيفيته وكنهه كما أنا نعلم أن في الجنة خمرا ولبنا وماء وعسلا وذهبا وحريرا وغير ذلك وإن كنا لا نعرف كيفية ذلك ويعلم أن كيفيته مخالفة لكيفية الموجود في الدنيا ويراد بلفظ التأويل صرف اللفظ عن الإحتمال الراجح إلى الإحتمال المرجوح وهذا لا يوجد الخطاب به إلا في اصطلاح المتأخرين وأما خطاب الصحابة والتابعين فإنما يوجد فيه الأولان ). اهـ (١)
واستعمال التأويل بمعنى تفسير الكلام وبيان معناه والمراد منه، كثير في لغة السلف ومعروف لغة، وقد سمى الطبري كتابه :( جامع البيان عن تأويل القرآن )، وأكثر فيه من استعمال كلمة تأويل، مريدا بها معنى الكلام وتفسيره. وممن يستعمل التأويل بمعنى التفسير من مشهوري العلماء المتقدمين أبو عمر بن عبد البر (٢).
ومن استعمال الصحابة للتأويل بمعنى تفسير القرآن ومعناه قول جابر رضي الله عنه في وصف حجة النبي ﷺ :
( فصلى رسول الله صلى الله عليه سلم في المسجد ثم ركب القصواء حتى إذا استوت به ناقته على البيداء نظرت إلى مدى بصري من بين يديه من راكب وماش وعن يمينه مثل ذلك وعن يساره مثل ذلك ومن خلفه مثل ذلك ورسول الله ﷺ بين أظهرنا وعليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله، وما عمل به من شيء عملنا به ) اهـ (٣). فتأمل قوله في وصف أفعال النبي ﷺ :( وعليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله ).

(١) الصفدية ١ / ٢٨٩ وينظر : ١ / ٢٩١
(٢) ينظر على سبيل المثال : التمهيد ١ / ١٤٧ و ٢ / ٣١٣
(٣) شرح النووي على صحيح مسلم ٨ / ١٧٠والمسند ٣ / ٣٢٠ ومسند الطيالسي ١ / ٢٣٢ و عون المعبود ٥ / ٢٥٤


الصفحة التالية
Icon