وفي مصنف عبد الزاق عن قتادة قال :( تسرت امرأة غلاما لها فذُكِرت لعمر، فسألها ما حملك على هذا فقالت كنت أرى أنه يحل لي ما يحل للرجال من ملك اليمين فاستشار عمر فيها أصحاب النبي ﷺ فقالوا تأوّلت كتاب الله تعالى تأويله. فقال عمر لا جرم والله لا أحلك لحر بعده أبدا، كأنه عاقبها بذلك ودرأ الحد عنها، وأمر العبد أن لا يقربها ). (١)
وقد اختلف العلماء في المحكمات والمتشابهات على أقوال :
١- أن المحكم هو المعمول به وهو الناسخ، والمتشابه هو المنسوخ المتروك العمل به. وهذا قول ابن عباس وابن مسعود وروي أيضا عن قتادة والربيع والضحاك وقد رواه الطبري عنهم. ولفظ ذلك عن ابن عباس من طريق علي بن أبي طلحة عنه :(المحكمات ناسخه وحلاله وحرامه وحدوده وفرائضه وما يؤمن به ويعمل به. قال :( وأخر متشابهات ) والمتشابهات منسوخه ومقدمه ومؤخره وأمثاله وأقسامه وما يؤمن به ولا يعمل به ) (٢).
٢- أن المحكم ما أحكم الله فيه من أي القرآن وقصص الأمم ورسلهم الذين أرسلوا إليهم والمتشابه ما اشتبهت ألفاظه من قصصهم عند التكرير في السور، ومثل لذلك بقصة موسى وتكررها مع اختلاف الألفاظ، قاله عبد الرحمن بن زيد (٣).
قلت : و هذا في حقيقته - إن قبل - إنما هو تمثيل لنوع من المتشابه، ولا مانع من أن يكون ذلك أحد أوجه المتشابه، لأن الله لم يخص متشابها دون متشابه، ولهذا ضل بهذا التشابه في عصرنا بعض من درس قصص القرآن الكريم، ولم يوفق للفهم، فزعم أن ما في القرآن من قصص ليس حقيقة في نفسه، ولهذا اختلفت عباراته من سورة إلى سورة، و زعم أن ذلك قصص فني. والعياذ بالله. كما فعل صاحب رسالة :( الفن القصصي في القرآن ).

(١) مصنف عبد الرزاق ( ١٢٨١٨ ) ومعلوم أن قتادة لم يدرك عمر لكن القصة مروي معناها عن عمر من وجوه.
(٢) تفسير الطبري ٣ / ١٧٢
(٣) المصدر السابق


الصفحة التالية
Icon