ثم إن مسألة الوقف على رؤوس الآي من المسائل التي رأيت أنها تحتاج إلى بحث، وترجيح وبخاصة وقد اشتهر فيها القول الذي هو خلاف الراجح، إذ الراجح فيها التفصيل لا الإطلاق، كما سيتبين إن شاء الله تعالى.
فأردت أن أبين الراجح فيها بدليله وتعليله وأنقل ما لمحققي العلماء من الكلام فيها.
فإن النظر في دلائل المسائل العلمية والبحث عن مذاهب الأئمة والعلماء فيها حق على أهل العلم وطالبي التحقيق وإن قنع بمجرد التقليد من قنع.
وأما التسور على العلوم والتسرع في الترجيح، وإهمال النظر في كلام العلماء بمجرد الوقوف على بعض الأدلة من غير جمع ولا تأنّي، فذلك علامة قلة البصيرة العلمية وضعف الهيبة الإيمانية.
وإذا ما بحثت المسائل العلمية على وفق القواعد المعتبرة وتبين للباحث القول الراجح فلا شك أن ذكره لوجه رجحانه ولو ببسط الأدلة أمر مفيد.
وبهذا البحث يتبين جواب سؤال مهم و هو : هل الوقف على رؤوس الآي سنة وإن اشتد تعلق الآية بما بعدها ؟.
وبه يظهر مرتبة الحديث الوارد في هذه المسألة، ويعرف قول المحققين من علماء الوقف والابتداء في الوقف على رؤوس الآي.
وسأقدم قبل ذلك مقدمة مهمة تتعلق بفضل علم الوقف والابتداء وبأهميته. وبعد ذلك يكون الكلام إن شاء الله مفصلا على الحديث الوارد في مسألة الوقف على رؤوس الآي بتخريجه و بيان ألفاظه و الكلام على طرقه ورجاله، و أقوال العلماء فيه ثم في مسألة الوقف على رؤوس الآي وأقوال علماء الوقف فيها وبيان الراجح من ذلك.. وبالله التوفيق.
معنى الوقف والسكت والقطع
الوقف، والسكت، والقطع، عبارات يختلف مقصود القراء بها، والصحيح عند المتأخرين التفريق بينها. فالقطع : ترك القراءة رأسا. فإذا قلنا قطع القراءة فمعنى ذلك انتقاله إلى حالة أخرى غير القراءة كترك القراءة بالكلية أو الركوع أو الكلام بغير القرآن. وهذا يستعاذ بعده للقراءة.


الصفحة التالية
Icon