( وقرآن فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ) (١) قال مجاهد وغيره على تؤدة (٢).
وهذا ما جعل أكثر السلف يفضلون القراءة المتأنية المترسلة، فثبت أن مجاهدا رحمه الله تعالى سئل عن رجلين أحدهما قرأ البقرة وآل عمران والآخر قرأ البقرة قيامهما واحد وركوعهما وسجودهما واحد وجلوسهما واحد، أيهما أفضل ؟ قال : الذي قرأ البقرة، ثم قرأ :
( وقرآن فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ) ).
رواه ابن المبارك في الزهد(٣) و أبوعبيد في فضائل القرآن (٤) وابن أبي شيبة وغيرهم (٥). و ثبت أن أبا جمرة الضبعي قال: قلت لابن عباس رضي الله عنهما : إني سريع القراءة إني أقرأ القرآن في ثلاث. قال :( لأن أقرأ البقرة في ليلة فأتدبرها وأرتلها أحب إلي من أن أقرأ كما تقول ). رواه أبو عبيد وغيره (٦). و في الأخبار الثابتة : أن عمر رضي الله عنه : قرأ في صلاة الفجر بسورة يوسف والحج قراءة بطيئة. رواه مالك وغيره. (٧) وكان بعض الصالحين من السلف معروفا ببطء القراءة ومن هؤلاء الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى : فقد كان يقرأ :( قراءة حزينة شهية بطيئة مترسلة كأنه يخاطب إنسانا ) (٨). فهذه الآثار وغيرها تبين معنى الحديث وتدل على استحباب الترتيل.
(٢) تفسير الطبري ١٥ / ١٧٩ وأخلاق حملة القرآن للآجري : رقم ( ٨٨ )
(٣) الزهد لابن المبارك : صـ ٤٥٥
(٤) أبو عبيد في فضائل القرآن : صـ ١٥٨
(٥) المصنف لابن أبي شيبة :(١٠ : ٥٢٦ ) وأخلاق حملة القرآن للآجري : رقم ( ٩٠ ) والتمهيد لأبي العلاء الهمذاني :( صـ ١٤٩ – ١٥٠ ).
(٦) فضائل القرآن : صـ ١٥٧ وأخلاق حملة القرآن للآجري : رقم ( ٨٩ ) رواه ابن عليه اسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن أبي جمرة :( و هو نصر بن عمران ) وهو على شرط الشيخين.
(٧) شرح الزرقاني ١ / ٢٤٧ والعلل للإمام أحمد ٢ / ٥٧٨
(٨) حلية الأولياء ٨ / ٨٦ وتهذيب الكمال ٢٣ / ٢٩٢