قال : الإمام محمد بن الحسين الاجري :( والقليل من الدرس للقرآن مع الفكر فيه وتدبره أحب إلي من كثير من القرآن بغير تدبر ولا تفكر فيه، فظاهر القرآن يدل على ذلك والسنة وأقوال أئمة المسلمين ) اهـ (١).
والكلام في الترتيل والحدر وبيان ما قاله العلماء في هذه المسألة ليس هذا موضعه. وإنما المقصود بيان على أن الأحاديث والآثار دلت على فضل الترتيل وأنه أفضل من الإسراع في القراءة وهو مذهب معظم السلف والخلف (٢).
فألفاظ الأحاديث يبين بعضها بعضا، وبخاصة مع تجوز الرواة في رواية الأحاديث بالمعنى فمتى ما جُمعت طرق الأحاديث تبين بالنظر فيها علل الأحاديث واتضحت معانيها.
ولذا حظ أئمة الحفاظ على جمع طرق الأحاديث كما هو معلوم. وألفاظ الحديث المتقدم تدل على التمهل والتأني في القراءة وتبيين الحروف وذلك يستنبط منه مراعاة الوقف على رؤوس الآي فإن رؤوس الآي مقاطع في أنفسهن، وأكثر ما يوجد التام عندهن، قال ابن النحاس :
( من التبيين تفصيل الحروف والوقف على ما تم معناه منها ). (٣) فليس في الحديث نص على تعمد النبي ﷺ الوقف على رؤوس الآي في كل حين، كما يدعيه بعض القراء المتأخرين، فضلا عن الاستدلال به على أن النبي ﷺ كان يقف على رؤوس الآي حتى وإن اشتد تعلقها بما بعدها وهو ما نستثنيه بلا شك.
فمعنى الروايات دل على التمهل والترسل في القراءة وإن أمكن أن يستنبط من ذلك مراعاة الوقوف عند تمام المعاني فلا بأس كما فعله بعض العلماء كابن النحاس والسخاوي وأما القول بأن النبي ﷺ كان يواظب على ذلك فلا يساعده النقل و لا يؤيده المعنى وهذه الروايات قد ذكرتها وليس فيها إلا ما ذكرت. والله أعلم.
(٢) ينظر النشر : لابن الجزري ١ / ٢٠٩
(٣) القطع والائتناف صـ ١ / ٧٤ وقد سبق نقله.