ثم إنه ليس في الحديث - فيما ظهر – دلالة على مداومة النبي على ذلك، بل هناك ما يدل على خلاف ذلك، وهو أن النبي ﷺ لو كان من شأنه المداومة على ذلك ولو غالبا فإنه لابد أن ينقل إلينا ذلك من غير طريق ابن أبي مليكة، فلما لم نجد ذلك عن النبي ﷺ مسندا من غير طريق ابن أبي مليكة، علمنا أنه لم يكن من شأنه ﷺ مراعاة ذلك على الدوام، قال الإمام الجعبري (١) :( وكذلك كانت قراءته عليه الصلاة و السلام ليعلم رؤوس الآي ووِهم فيه من سمّاه وقف السنة لأن فعله ﷺ إن كان تعبدا فهو مشروع لنا وإن كان لغيره فلا ) اهـ. ( (٢) )
فوقفه عليه الصلاة و السلام إن كان لأجل أنّ المعنى يتمّ عندهن في الغالب أو بياناً منه صلَّى الله عليه وسلَّم لرؤوس الآيات -كما يرجحه الإمام الجعبري- فليس هو بوقف سنّة و لأجل هذا و غيره فإن أكثر القراء صاروا إلى مراعاة المعنى، وإن لم يكن رأس آية كما نقله عنهم الزركشي رحمه الله تعالى فإنه قال :( واعلم أن أكثر القراء يبتغون في الوقف المعنى وإن لم يكن رأس آية ) اهـ. (٣)
وإليه يشير قول السخاوي :( وأجاز جماعة من القراء الوقف على رؤوس الآي عملا بالحديث ) اهـ. (٤)
(٢) حسن المدد في فنّ العدد : صـ ٤٤ ( طبعة مكتبة أولاد الشيخ بمصر ) و البرهان ١ / ١٨٧
(٣) البرهان ١/٥٠٥
(٤) جمال القراء ٥٥٣