فقد ذكر كثير من علماء الوقف هذه الآيات، ونبهوا على رأس الآية، ومنعوا من الوقف عليها مع كونها رؤوس آي، وممن ذكر ذلك الإمام الداني والعماني و ابن الجزري والأشموني وزكريا الأنصاري وغيرهم (١). قال في المقصد لتلخيص ما في المرشد :
( ويسن للقارئ أن يتعلم الوقوف وأن يقف على أواخر الآي إلا ما كان منها شديد التعلق بما بعده كقوله تعالى :(وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ) (الحجر: ١٤) وقوله :( قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) (صّ: ٨٢) ) اهـ. (٢) فمتى اشتد تعلق الآية بما بعدها لم يصح تعمد الوقف عليها حتى وإن كانت رأس آية.
وعلى هذا العمل عند محققي علماء الوقف كما تقدم. وأما استدلال من قال بسنية الوقف مطلقا، بأقوال العلماء القائلين بأن ذلك سنة، فقد تبين مما ذكرته عمن اعتمدوا عليهم في ذلك كالداني، وابن الجزري، أن هذا الإطلاق مقيد وهذا التعميم مخصوص و قد ظهر أنّ عملهم و تصرفاتهم على تخصيص هذا العموم لأنهم عدوا الوقف على مثل ذلك من الآيات قبيحا.
تنبيه : قطع القراءة بكلام أو عمل أو بترك القراءة لا أعلم أحدا من القراء يجيزه على ما يشتد تعلقه من رؤس الآي بما بعده. و إنما الذي فيه اختلاف من بعض القراء هو الوقف بنية استئناف القراءة. وقد بينت الفرق بين هذه العبارات أول هذه الرسالة.
والقارئ المتقن يراعي حسن الوقوف، واكتمال المعاني، كما يراعي جودة الحروف وإتقان صفاتها، وقد شبهوا القارئ بالمسافر، و المقاطع التي يقف عندها بالمنازل التي ينزلها المسافر، وهي مختلفة بالتام والكافي والحسن وغيرها، كاختلاف المنازل في الخصب والسعة. (٣)
(٢) المقصد لتلخيص ما في المرشد صـ ٥
(٣) المقصد صـ ٤