( إني لأقشعر من قراءة أقوام يرى أحدهم حتما عليه ألا يقصر عن العشر، إنما كانت القراء تقرأ القصص إن طالت أو قصرت يقرأ أحدهم اليوم ﴿ إذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ﴾ (١) ويقوم في الركعة الثانية فيقرأ ﴿ ألا إنهم هم المفسدون ﴾ (٢) ). (٣) ثم قال أبو عمرو رحمه الله تعالى :( هذا يبين أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتجنبون في قراءتهم القطع على الكلام الذي يتصل بعضه ببعض، ويتعلق آخره بأوله لأن ميمون بن مهران إنما حكى ذلك عنهم إذ هو من كبار التابعين وقد لقي جماعة منهم ) اهـ. (٤)
واشتهر اعتناء السلف رحمهم الله تعالى بهذا العلم حتى عد ابن الجزري ذلك متواترا عنهم (٥)، وكانوا يعتنون بذلك حال الإقراء، قال ابن الجزري :
( صح بل تواتر عندنا تعلمه والاعتناء به من السلف الصالح، كأبي جعفر يزيد بن القعقاع إمام أهل المدينة الذي هو من أعيان التابعين، وصاحبه الإمام نافع بن أبي نعيم، و أبي عمرو بن العلاء، ويعقوب الحضرمي، وعاصم بن أبي النجود وغيرهم من الأئمة وكلامهم في ذلك معروف، و نصوصهم عليه مشهورة في الكتب، ومن ثم اشترط كثير من أئمة الخلف على المجيز أن لا يجيز أحدا إلا بعد معرفته الوقف والابتداء.
وكان أئمتنا يوقفوننا عند كل حرف، ويشيرون إلينا فيه بالأصابع، سنة أخذوها كذلك عن شيوخهم الأولين ) اهـ. (٦)

(١) البقرة -آية- ١١
(٢) البقرة -آية- ١٢
(٣) المكتفى ص ١٣٥
(٤) المكتفى ص١٣٦
(٥) النشر ١/٢٢٥
(٦) النشر ١/٢٢٥


الصفحة التالية
Icon