الفصل الثالث
أنواع المسائل التي تحتاج إلى التوجيه
يذكر الباحث ها هنا أبرز الأمثلة التي ذكر أهل العلم بالتَّفسير أنَّها تحتاج إلى توجيه، وإلاَّ فإنَّ الأمر يستحق دراسة مستقلة ضمن أبحاث الدَّراسات العليا:
الأول: أن يذكر الله تعالى وصفاً دون غيره في مقامٍ شريف، أو يقدّمه على غيره:
فتلتمس علة ذلك، أو يبحث عن وجهه، ففي قوله تعالى:
[الفاتحة: ٥]، ذكر أهل العلم بالتَّفسير إشكالين يحتاجان إلى توجيه:
فأول الإشكالات: لماذا بدأ بوصف التعبُّد؟
ومن الوجوه التي ذكرت في بيان علة ذلك:
[١] ذكر ابن كثير أنَّ ذلك بسبب كون العبودية أشرف الأوصاف التي يهفو إليها الخلق، ولذا وصف الله تعالى النَّبي - ﷺ - بالعبودية في أشرف المقامات، فقال: [الإسراء: ١]، وقال تعالى [الكهف: ١]، وقال تعالى [الجن: ١٩]، "فسمَّاه عبداً عند إنزاله عليه، وعند قيامه في الدَّعوة، وإسرائه به، وأرشده إلى القيام بالعبادة في أوقات يضيق صدره من تكذيب المخالفين، حيث يقول: [الحجر: ٩٧-٩٩]" (١).
وفي ترجمة أحمد بن محمد الغزالي (ت ٥٢٠ هـ)، وهو أخٌ لحُجَّة الإسلام الغزالي (ت ٥٠٥ هـ): لّما قرأ المقرئ في بعض مجالس وعظه قوله تعالى
[الزمر: ٥٣] قال: شرَّفهم بياء الإضافة إلى نفسه بقوله: ، ثم أنشد:
وهان عليَّ اللّوم في جنب حبّها... وقول الأعادي: إنَّه لخليع
أصم إذا نوديت باسمي وإنّني... إذا قيل لي: يا عبدها، لسميع (٢)

(١) ابن كثير، ١/٤٨.
(٢) الصفدي؛ صلاح الدين خليل بن أيبك (ت ٧٦٤ هـ): الوافي بالوفيات، ١٠٦١.


الصفحة التالية
Icon