على أنَّه عند تفسير الآية وَهَّى مثل الحديث المذكور أعلاه لما ذكره من البعد الزمني بين وضع الآية وموعد نزولها (١)، وما وهَّاه مجدِّد التَّفسير في عصره (ابن عاشور) هو الواهي، إذ الحديث في المتفق عليه... ولكن يوجّه توجيهاً لائقاً.
الرابع: أن يظهر إشكالٌ في الترتيب:
ففي قوله تعالى: [هود: ٣]: عطف قوله سبحانه [هود: ٣] على وفي هذا الترتيب إشكالٌ، إذ تمَّ توسيط بينهما، مع أنَّ الاستغفار علامة التوبة، فكيف يتوب بعد الاستغفار؟
وَوُجِّهَ ذلك بالتالي:
[١] قال الجبَّائي: إنَّ المراد بالاستغفار هنا التوبة عما وقع من الذنوب، وبالتوبة الاستغفار عما يقع منها بعد وقوعه، أي استغفروا ربكم من ذنوبكم التي فعلتموها، ثم توبوا إليه من ذنوب تفعلونها، فكلمة على ظاهرها من التراخي في الزمان.
[٢] وقال الفرَّاء: إنَّ بمعنى الواو، والعطف تفسيري.
[٣] وقيل: استغفروه من سالف ذنوبكم، وتوبوا إليه من المستأنف متى وقعت منكم، كما قال بعض الصلحاء: الاستغفار بلا إقلاع توبة الكذّابين (٢).
وهذا التوجيه وجيه، وحقيقته أمران:
الأول: الاستغفار العام عن السوالف، والتوبة الخاصة عما يقع بعد.
والثاني: الاستغفار العام عن السوالف، والتوبة بالإقلاع عن مقارفة الذَّنب.
[٤] وقيل: إنَّما قدم ذكر الاستغفار؛ لأنَّ المغفرة هي الغرض المطلوب، والتوبة هي السبب إليها، فالمغفرة أولٌ في المطلوب وآخر في السبب (٣).
[٥] ويحتمل أن يكون المعنى: استغفروه من الصغائر، وتوبوا إليه من الكبائر (٤).
[٦] وقيل: لا نسلم أنَّ الاستغفار هو التوبة؛ بل هو ترك المعصية، والتوبة هي الرجوع إلى الطاعة.
(٢) تفسير القرطبي، ٩/٧.
(٣) تفسير القرطبي، ٩/٧.
(٤) تفسير القرطبي، ٩/٧.