وبثبوت كاد ينفى الخبر | وحين ينفى كاد ذاك أجدر |
وغير ذا على كلامين يرد | كولدت هند ولم تكد تلد |
ورجَّح ذلك من محقِّقي اللُّغويين: ابن هشام، قال: واستدلَّ بقوله تعالى:
[النور: ٤٠]، أي لم يرها ولم يكد. ولهذا كان أبلغ من أنْ يقال: لم يرها؛ لأنَّ من لم ير قد يقارب (٢).
ورجَّح ذلك من المفسِّرين الآلوسي، فقال: "والحق أنَّها في الإثبات والنفي كسائر الأفعال، فَمُثْبَتُها لإثبات القرب، ومَنْفِيُّها لنفيه، والنَّفي والإثبات في الآية محمولان على اختلاف الوقتين، أو الاعتبارين فلا تناقض؛ إذ من شرطه اتحاد الزمان والاعتبار، والمعنى أنَّهم ما قاربوا ذبحها حتى انقطعت تعلُّلاتهم، فذبحوا كالملجأ أو فذبحوها ائتماراً، وما كادوا خوفاً من الفضيحة أو استثقالاً لغلو ثمنها" (٣).
وفائدة هذا التوجيه اختزال التعبير لموقفين: موقف ظهرت فيه استجابتهم لأمر الله تعالى بالذَّبح، وموقف قبله ظهر فيه طول المماطلة التي جعلتهم يتركون الذَّبح.
[٢] التعبير جاء على نقيض الوضع اللُّغوي، فإثبات (كاد) يستلزم نفي الخبر، وأنَّ نفيها يصير إثباتاً على خلاف القياس، وقد اشتهر هذا بين أهل الإعراب حتى ألغز فيه أبو العلاء المعري بقوله:
(١) التحرير والتنوير، ١/٣٢٠، تفسير القرطبي، ١١/١٦٦، فتح القدير، ٣/١٤٤، روح المعاني، ١/٢٩٢.
(٢) ابن هشام؛ عبد الله بن يوسف الأنصاري النحوي الأنصاري (ت ٧٦١ هـ): مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، المكتبة العصرية، صيدا، بيروت، طبعة بدون، ١٤٠٧هـ، ١٩٨٧م، ١/٨٦٨.
(٣) روح المعاني، ١/٢٩٢.
(٢) ابن هشام؛ عبد الله بن يوسف الأنصاري النحوي الأنصاري (ت ٧٦١ هـ): مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، المكتبة العصرية، صيدا، بيروت، طبعة بدون، ١٤٠٧هـ، ١٩٨٧م، ١/٨٦٨.
(٣) روح المعاني، ١/٢٩٢.