فاحتاج الإعراب للتوجيه، وللمفسِّرين في توجيهها آراء بلغت السَّتة، وأظهرها ثلاثة توجيهات:
[١] من رفع حمله على لغةٍ لبني الحارث بن كعب، وخثعم، وزبيد، ومن وليهم من قبائل اليمن، ونقل ابن عساكر أنَّها لغة مشهورة يمانية (١)، يأتون بالمثنى بالألف على كل حال؛ بل قال النَّووي: إنَّها "لغة من يجعل المثنى بالألف سواء كان مرفوعاً أو منصوباً أو مجروراً، وهي لغة أربع قبائل من العرب وقد كثرت في كلام العرب" (٢).
وإنَّما ورد ذلك في القرآن الكريم لما أخرج عبد بن حميد عن ابن عباس أنَّه قال: (الله أنزل القرآن بلغة كل حي من أحياء العرب) (٣)، قال الخليل: "فنزلت هذه الآية بلغة بني الحارث بن كعب، لأنَّهم يجعلون المثنى بالألف في كل وجه. وإنَّما صار كذلك؛ لأنَّ الألف أخف بنات المدّ واللين، قال الشاعر:
إنَّ لسلمى عندنا ديوانا | أخزى فلاناً وابنه فلانا |
كانت عجوزاً غبرت زمانا | وهي ترى سيئها إحسانا |
نصرانة قد ولدت نصرانا | أعرف منها الجيد والعينانا |
وقال الآخر:
واها لريا ثم واها واها | هي المنى لو أنَّنا نلقاها |
يَا لَيْتَ عَيْنَاهَا لَنَا وَفَاهَا | بِثَمَنٍ نُرْضِي بهِ أبَاهَا |
(٢) شرح النووي صحيح مسلم، ٣/١٣٦٨.
(٣) الدر المنثور، ٣/٣٠.
(٤) الفراهيدي؛ أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد: كتاب الجمل في النحو، تحقيق د. فخر الدين قباوة، ط/٥، ١٩٩٥م، ص١٥٧، وانظر: ابن خالويه؛ أبو عبد الله الحسين بن أحمد (ت ٣٧٠ هـ): الحُجَّة في القراءات السبع، تحقيق د. عبد العال سالم مكرم، دار الشروق، بيروت، ط/٤، ١٤٠١هـ، ص ٢٤٢، وشواهد هذه اللُّغة كثيرة، وانظر: ظاهرة التأويل في إعراب القرآن الكريم، ص ٣٤.