وأمَّا المعنى الثاني: فهو المقصود بالتوجيه عند الإطلاق، والمقصود منه البحث عن مغزى الكلام الذي أثار إشكالاً في ذهن السامع، "فإذا حلَّ المفسِّر هذا الإشكال، سمى ذلك الحل: توجيهاً" (١).
وحال المفسِّر عندما يوجّه الآية كحال الخضر عندما قال لموسى ـ عليهما السلام ـ: [الكهف: ٧٠]، وإحداث الذكر معناه "بيان العلل والتوجيهات وكشف الغوامض" (٢).
ومنه علم توجيه القراءات، أي البحث عن وجهها اللُّغوي أو المعنوي. ولأنَّ التوجيه يُطلق على المعنى الثاني غالباً أي التماس وجه الكلام عند وجود ما فيه إشكال، فقد جعل السكاكي من هذا القسم مشكلات القرآن (٣)، بحسبان احتمالها لوجهين مختلفين (٤).
والبحث يتحدث عن التوجيه بالمعنى الاصطلاحي الثاني؛ إذ الأول يعم التَّفسير جميعاً.
بين التوجيه ومقاربه من المصطلحات
أولاً: بين التوجيه والإبهام:

(١) انظر: الدهلوي؛ ولي الله قطب الدين أحمد بن عبد الرحيم العمري (١١٤هـ ـ ١١٧٦هـ): الفوز الكبير في أصول التَّفسير، ص ١٩٨.
(٢) ابن عاشور؛ محمد الطاهر بن عاشور: التحرير والتنوير، مؤسسة التاريخ، بيروت، لبنان، ط/١، ١٤٢٠هـ، ٢٠٠٠م، ١٥/١١٠.
(٣) البرهان في علوم القرآن، ٢/٣١٤، الإيضاح في علوم البلاغة، ص ٣٥٠.
(٤) التفتازاني؛ مسعود بن القاضي فخر الدين عمر بن برهان الدين الشهير بسعد الدين التفتازاني (ت ٧٩١ هـ): شرح العلامة سعد الدين التفتازاني على تلخيص المفتاح للخطيب القزويني، مؤسسة دار البيان العربي، ط/٤، ١٤١٢هـ، ١٩٩٢م، ٤/٤٠٠.


الصفحة التالية
Icon