ثانياً : وقال أيضاً في تفسير قوله تعالى ﴿ قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ﴾ ( الأنعام آية ١٢ ) قال : فهو سبحانه المالك، لا ينازعه منازع، ولكنه - فضلاً منه ومنة - كتب على نفسه الرحمة. كتبها بإرادته ومشيئته، لا يوجبها عليه موجب، ولا يقترحها عليه مقترح، ولا يقتضيها منه مقتض - إلا إرادته الطليقة وإلا ربوبيته الكريمة - وهي - الرحمة - قاعدة قضائه في خلقه، وقاعدة معاملته لهم في الدنيا والآخرة.. والاعتقاد إذن بهذه القاعدة يدخل في مقومات التصور الإسلامي... إلى أن قال ﴿ ؟كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ﴾ وقد تكرر وروده في السورة في موضع آخر سياتي :﴿ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَة ﴾ إن الذي يستوقف النظر في هذا النص هو ذلك التفصيل الذي أشرنا من قبل إليه تفضل الخالق المالك ذي السلطان القاهر فوق عباده... تفضله - سبحانه - بأن يجعل رحمته بعباده في هذه الصورة... مكتوبة عليه.. كتبها هو على نفسه، وجعلها عهداً منه لعباده... بمحض إرادته ومطلق مشيئته... وهي حقيقة هائلة لا يثبت الكيان البشري لتمليها وتأملها وتذوق وقعها، حين يقف لتدبرها في هذه الصورة العجيبة.
ثالثاً : وقال أيضاً عند تفسير قوله تعالى ﴿ وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنَا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ ( الأنعام آية ٥٤ )