المؤمنون يرونه سبحانه وتعالى يوم القيامة، عياناً بأبصارهم، كما يرون الشمس صحواً، ليس دونها سحاب، وكما يرون القمر ليلة البدر، لا يُضامُون في رؤيته، يرونه سبحانه، وهم في عر صات القيامة، ثم يرونه بعد دخول الجنة، كما يشاء الله سبحانه فيكرمهم، ويتجلى لهم من فوقهم، ولا يراه الكافرون قال تعالى ﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ﴾ ؟وقال تعالى ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾.
أثبت سيد قطب رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة لكنه لم يثبت أن هذه الرؤية تكون بالعين، فقال في تفسير سورة القيامة عند قوله تعالى ؟ ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾ ( القيامة آية ٢٢ - ٢٣ ) : إن هذا النص ليشير إشارة سريعة إلى حالة تعجز الكلمات عن تصويرها، كما يعجز الإدراك عن تصورها بكل حقيقتها. ذلك حين يعد الموعودين السعداء بحالة من السعادة لا تشبهها حالة. حتى لتتضاءَل إلى جوارها الجنة بكل ما فيها من ألوان النعيم !
هذه الوجوه الناضرة.. نضرها أنها إلى ربها ناظرة.. إلى أي مستوى من الرفعة هذا ؟ أي مستوى من السعادة ؟ إن روح الإنسان لتستمتع أحياناً بلمحة من جمال الإبداع الإلهي في الكون أَو النفس، تراها في الليلة القمراء. أَو الليل الساجي. أَو الفجر الوليد. أَو الظل المديد. أَو البحر العباب. أَو الصحراء المناسبة. أَو الروض البهيج. أَو الطلعة البهية. أَو القلب النبيل. أَو الإيمان الواثق. أَو الصبر الجميل.. إلى آخر مطالع الجمال في هذا الوجود.. فتغمرها النشوة، وتفيض بالسعادة، وترف بأجنحة من نور في عوالم مجنحة طليقة. وتتوارى عنها أَشواك الحياة، وما فيها من أَلم وقبح، وثقلة طين وعرامة لحم ودم، وصراع شهوات وأَهواء.. فكيف ؟ كيف بها وهي تنظر - لا إلى جمال صنع الله - ولكن إلى جمال ذات الله ؟.