وهنا كذلك تبدو تلك الحقيقة التي أشرنا من قبل إليها. حقيقة تولي الله - سبحانه - للمعركة التي يراد بها المؤمنون وما وراء هذا التولي من طمأنينة كاملة لأولياء الله، ومصير رهيب بشع لأعداء الله الغافلين، المتروكين في عماهم يخبطون، المخدوعين بمد الله لهم في طغيانهم، وإمهالهم بعض الوقت في عدوانهم، والمصير الرهيب ينتظرهم هنالك، وهم غافلون يعمهون ! ".
نقل المغراوي كلام سيد ولم يعلق عليه.
والذي يظهر أن سيد لم يؤول هذه الصفة بل أثبتها، ولو أنه كان يؤولها لذكر ذلك كما فعل أهل البدع. فالحمد لله رب العالمين.
الرابع عشر : القبض
القبض والطيُّ، صفتان فعليتان لله عز وجل، ثابتتان بالكتاب والسنة، قال تعالى ﴿ وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ ( البقرة آية ٢٤٥ ).
وسيد رحمه الله تعالى تكلم على صفة القبض في موضعين من الظلال وهما :
الموضع الأول : وهو مما أُخذ عليه رحمه الله فيما قاله عند تفسير قوله تعالى ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ ( الزمر آية ٦٧ ) قال سيد : نعم. ما قدروا الله حق قدره، وهم يشركون به بعض خلقه. وهم لا يعبدونه حق عبادته. وهم لا يدركون وحدانيته وعظمته. وهم لا يستشعرون جلاله وقوته.
ثم يكشف لهم عن جانب من عظمة الله وقوته. على طريقة التصوير القرآنية، التي تقرب للبشر الحقائق الكلية في صورة جزئية، يتصورها إدراكهم المحدود :﴿ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾..