ثانياً : وقال أيضاً عند تفسير قوله تعالى ﴿ وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً ﴾ ( الفجر آية ٢٢ ) : فأما مجيء ربك والملائكة صفاً صفاً، فهو أمر غيبي لا ندرك طبيعته ونحن في هذه الأرض. ولكنا نحس وراء التعبير بالجلال والهول كذلك المجيء بجهنم يأخذ منه قربها منهم وقرب المعذبين منها وكفى. فأما حقيقة ما يقع وكيفيته فهي من غيب الله المكنون ليومه المعلوم.
إنما يرتسم من وراء هذه الآيات، ومن خلال موسيقاها الحادة التقسيم، الشديدة الأسر، مشهد ترجف له القلوب، وتخشع له الأبصار. والأرض تدك دكاً دكا ! والجبار المتكبر يتجلى ويتولى الحكم والفصل، ويقف الملائكة صفاً صفاً. ثم يجاء بجهنم فتقف متأهبة هي الأخرى !.
قال محمد المغراوي تعليقاً على كلام سيد في الموطنين : والذي يظهر أن سيد قطب يثبت صفة المجيء وإن كانت عبارته غير مفصحة تماماً لكن سياقاته تدل على الإثبات.
وقال الشيخ عبد الله الدويش معلقاً على كلام سيد في الموطن الثاني وذلك في تفسير سورة الفجر آيه ٢٢ : الكلام على هذا من وجوه :
الوجه الأول : إن كان مراده أن هذا حقيقة ولكن لا تدرك كيفيته فهذا حق وإن كان مراده أن ذلك ليس حقيقة ولكنه مجاز عن الجلال والهول فهذا قول المعطلة وهو باطل من وجوه كثيرة بسطها العلامة ابن القيم.... "
الخلاصة : يتبين لنا بعد استعراض كلام سيد وكلام كلاً من المغراوي والدويش رحمه الله أن سيداً يثبت لله صفتي الإتيان والمجيء كما مر معنا بقول سيد :" حتى يأتيهم الله... " وقوله رحمه الله :" فأما مجيء ربك... ". والله اعلم.
السادس عشر : التجلي للجبل