الوجه الأول : إن هذا خلاف ما قاله المحققون من المفسرين، قال ابن جرير في تفسيره الكبير : وأولى المعاني بقول الله جل ثناؤه ثم استوى إلى السماء فسواهن : علا عليهن وارتفع فدبرهن بقدرته وخلقهن سبع سموات. وقال ابن كثير في تفسيره استوى إلى السماء أي قصد إلى السماء والاستواء هاهنا مضمن معنى القصد والإقبال لأنه عدي بإلى. وقال البغوي : ثم استوى إلى السماء قال ابن عباس واكثر مفسري السلف أي ارتفع إلى السماء.
الوجه الثاني : قوله رمز السيطرة، يفهم منه أن السماء كانت ملكاً لغيره ثم سيطر عليها وهذا لا يقوله عاقل فعلم أنه باطل. أ. هـ.
وقال أيضاً تعليقاً على كلام سيد قطب في الاستواء في تفسير آيات متعددة من الظلال - راجع الفصل السابق - : أقول هذا قول الجهمية الضلال المعطلين وهو مخالف للكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة فإن الجهمية لم يصرحوا برد ألفاظ القرآن ولكن خالفوا السلف في المعنى المراد وقولهم إنه استولى لا يعرف في المسلمين إلا عن الجهم بن صفوان تلميذ الجعد بن درهم.
وقال أيضاً قوله : الاستواء على العرش كناية عن مقام السيطرة الثابتة الراسخة باللغة التي يفهمها البشر كلام باطل. من وجوه، تبلغ الأربعين منها :
أن هذا لا يعرف في لغة العرب قال ابن الأعرابي وقد سئل عن ذلك فقال لا تعرف العرب ذلك وهو من أكابر أئمة اللغة.
ومنها : أن تفسيره بالسيطرة يبطل تخصيص العرش بكونه استوى عليه فإنه مسيطر على جميع خلقه ومنها أن هذا تفسير بالرأي المجرد الذي لم يذهب إليه صاحب ولا تابع ولا قاله إمام من أئمة المسلمين والقول على الله بغير علم من اعظم الذنوب.
وقوله : وثم هنا ليست للتراخي الزماني إنما هي للبعد المعنوي.