أقول : كلامه هذا ليس له أي سند صحيح من كتابات سيد في الظلال، وذلك لأَنه قد أول الاستواء في سورة ( البقرة آيه ٢٩ - الظلال ٣ / ٥٤ )، ( ويونس آيه ٣ - الظلال ٣ / ١٧٦٢ )، ( والرعد آيه ٢ - الظلال ٤ / ٢٣٢٨ )، ( راجع ما كتبته سابقاً )، وهذه السور هي في الطبعة الثانية من الظلال تبين تأويل سيد للاستواء. وبهذا يسقط احتجاج الخالدي.
ثانياً : قوله إن تأويله قريب إلى فهم السلف الخ.
بل الصحيح إن تأويل سيد للاستواء بالاستعلاء والسيطرة بعيد عن كلام السلف، ولكن يقال إن تأويله ليس كتأويل الجهمية والمعتزلة والأشاعرة.
ثالثاً : قوله إن كلمة استوى في القرآن الكريم لها ستة أوجه كما نقل عن الفقيه الدامغاني.
فنقول : إن كلمة استوى في القرآن على ثلاثة معاني مثلما قال الشيخ عبد الرحمن السعدي : استوى ترد في القرآن على ثلاثة معاني : فتارة لا تعدى، بالحرف فيكون معناها، الكمال والتمام، كما في قوله عن موسى ﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى ﴾. وتارة تكون بمعنى " علا " و " ارتفع " وذلك إذا عديت بـ " على " كقوله تعالى ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾، ﴿ لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ﴾. وتارة تكون بمعنى " قصد " كما إذا عديت بـ " إلى " كما في هذه الآية. أي : لما خلق تعالى الأرض، قصد إلى خلق السماوات فسواهن سبع سماوات، فخلقها وأحكمها وأتقنها وهو بكل شي عليم أ. هـ
والاستواء جاء بأربعة معاني كما قال السلف وهي بمعنى : العلو، والارتفاع، والاستقرار، والصعود.
ونخلص مما سبق ذكره إلى أن سيد رحمه الله قد تأول صفة الاستواء على أنها كناية عن السيطرة والهيمنة والاستعلاء وهذا مجانب لقول أهل السنة والجماعة في هذه الصفة وموافق للمأولة في تعطيل هذه الصفة، نسأل الله أن يعفوا عنا وعنه فإن العصمة لا تكون إلا للأنبياء. والله اعلم.