وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾ يقول تعالى: وإذا لقي هؤلاء المنافقون المؤمنون قالوا: آمنا كإيمانكم مصانعة وتقية، وإذا خلوا
انصرفوا ﴿إِلَى شَيَاطِينِهِمْ﴾ رؤسائهم، قالوا: ﴿إِنَّا مَعَكْمْ﴾، أي: على دينكم ﴿إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾ بمحمد وأصحابه نلعب بهم.
قوله تعالى: ﴿يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ قال ابن عباس في قوله تعالى: ﴿اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾ قال: يسخر بهم للنقمة منهم. وقوله تعالى: ﴿وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾، أي: يملي لهم في ضلالتهم يترددون متحيرين.
وقوله تعالى: ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ﴾ قال ابن عباس: ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى﴾ أخذوا الضلالة وتركوا الهدى. وقوله تعالى: ﴿فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ﴾، أي: ما ربحوا في تجارتهم لأنهم استبدلوا الكفر بالإيمان، ﴿وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ﴾. قال قتادة: قد والله رأيتموهم، من خرجوا من الهدى إلى الضلال، ومن الجماعة إلى الفرقة، ومن الأمن إلى الخوف، ومن السنة إلى البدعة.
قوله عز وجل: ﴿مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ (١٧) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ (١٨) أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ واللهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ (١٩) يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ وَلَوْ شَاء اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٠) ﴾.