فهي جنين في بطنها. قال: وكانت فيما يزعمون قد أمسك عنها الولد حتى أسنّت، وكانوا أهل بيت من الله جل ثناؤه بمكان، فبينا هي في ظل شجرة نظرت إلى طائر يطعم فرخ له، فتحركت نفسها للولد، فدعت الله أن يهب لها ولدًا فحملت بمريم، وهلك عمران، فلما عرفت أن في بطنها جنينًا جعلته لله نذيرة، والنذيرة: أن تعبده لله فتجعله حبسًا في الكنيسة، لا ينتفع به بشيء من أمور الدنيا. قال الشعبي في قوله: ﴿إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً﴾ جعلته في الكنيسة وفرغته للعبادة. وقال الكلبي: قالت: اللهم لك عليّ إن رزقتني ولدًا أن أتصدق به على بيت المقدس، فيكون من سدنته وخدمته.
وقال الربيع: كانت امرأة عمران حررت لله ما في بطنها، وكانت على رجاء أن يهب لها غلامًا، لأن المرأة لا تستطيع ذلك - يعني: القيام على الكنيسة، لا تبرحها وتكنسها - لما يصيبها من الأذى. وقال السدي: ظنت أن ما في بطنها غلامًا فوهبته لله، فلما وضعت إذ هي جارية فقالت تعتذر إلى الله: رب إني وضعتها أنثى وليس الذكر كالأنثى. تقول: إنما يحرر الغلمان بقول الله ﴿وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ﴾، فقالت: إني سميتها مريم. وفي الحديث عن النبي - ﷺ -: «كل مولود من ولد آدم له طعنة من الشيطان وبها يستهل الصبي، إلا ما كان من مريم ابنة عمران وولدها، فإن أمها قالت حين وضعتها: إني أعيذها... بك وذريتها من الشيطان الرجيم، فضرب دونها حجاب فطعن في الحجاب». رواه ابن جرير وغيره.


الصفحة التالية
Icon