قوله عز وجل: ﴿فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللهِ إنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (٣٧) ﴾.
قال ابن جرير: قال الله عز وجل: ﴿فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً﴾ تقبل الله من أمها ما أرادت بها للكنيسة، وآجرَها فيها وأنبتها، قال: نبتت في غذاء الله. وقال السديّ: قال الله عز وجل: ﴿فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً﴾، فانطلقت بها أمها في خِرَقها حين ولدتها إلى المحراب وكان الذين يكتبون التوراةَ إذا جاءوا إليهم بإنسان يجرّبونه اقترعوا عليه أيهم يأخذه فيعلمه. وكان زكريا أفضلهم يومئذٍ وكان بينهم، وكانت خالة مريم تحته. فلما أتوا بها اقترعوا عليها، وقال لهم زكريا: أنا أحقكم بها، تحتي خالتها، فأبوا فخرجوا إلى نهر الأردنّ، فألقوا أقلامهم التي يكتبون بها أيهم يقوم قلمه فيكفلها. فجرت الأقلام، وقام قلم زكريا على قرنته كأنه في طين فأخذ الجارية. وذلك قول الله عز وجل: ﴿وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا﴾، فجعلها زكريا معه في بيته، وهو: المحراب.
وقوله تعالى: ﴿كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً﴾، قال الربيع: جعل زكريا دونها سبعة أبواب، فكان يدخل عليها فيجد عندها فاكهة الشتاء في الصيف، وفاكهة الصيف في الشتاء.
وقوله تعالى: {قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللهِ إنَّ اللهَ يَرْزُقُ


الصفحة التالية
Icon