قال ابن إسحاق: ﴿حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ﴾، أي: تجادلتم، ﴿وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ﴾، أي: اختلفتم في أمري، ﴿وَعَصَيْتُم﴾، أي: تركتم أمر نبيكم - ﷺ - وما عهد إليكم، يعني: الرماة، ﴿مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ﴾، أي: الفتح لا شك فيه، وهزيمة القوم عن نسائهم وأموالهم. وقوله تعالى: ﴿مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ﴾، قال الضحاك: فإن نبي الله - ﷺ - أمّر يوم أحد طائفة من المسلمين، فقال: «كونوا مسلحة للناس»، بمنزلة أمرهم أن يثبتوا بها، وأمرهم أن لا يبرحوا مكانهم حتى يأذن لهم، فلما لقي نبي الله - ﷺ - يوم أحد أبا سفيان ومن معه من المشركين هزمهم نبي الله - ﷺ -، فلما رأى المسلحة أن الله عز وجل هزم المشركين، انطلق بعضهم وهم يتنادون: الغنيمة، الغنيمة لا تفتكم، وثبت بعضهم مكانهم وقالوا: لا نريم موضعنا حتى يأذن لنا نبي الله - ﷺ -، ففي ذلك نزل منكم من يريد الدنيا، ومنكم من يريد الآخرة، فكان ابن مسعود يقول: ما شعرت أن أحدًا من أصحاب النبي - ﷺ - كان يريد الدنيا وعرضها حتى كان يوم أحد.
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾، قال ابن إسحاق: ثم صرفكم عنهم ليبتليكم، أي: صرفكم عنهم ليختبركم، وذلك ببعض ذنوبكم.
وقال ابن جريج في قوله: ﴿وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ﴾، قال: لم يستأصلكم، قال الحسن: هؤلاء مع رسول الله - ﷺ -، وفي سبيل الله، غضاب لله، يقاتلون أعداء الله، نهوا عن شيء فصنعوه، فوالله ما تركوا
حتى غموا بهذا الغم، فأفسق الفاسقين اليوم يفعل كل كبيرة ويركب كل داهية ويسحب عليها ثيابه، ويزعم أن لا بأس عليه فسوف يعلم.