إلى أن قال: (وسبب النزول على قسمين:
القسم الأول: أن تقع حادثة يظهر منها إيمان المؤمنين، ونفاق المنافقين، كما وقع في أحد، والأحزاب، أنزل الله تعالى مدح هؤلاء وذم أولئك؛ ليكون فيصلاً بين الفريقين، وربما يقع في مثل هذا من التعريض بخصوصيات الحادثة ما يبلغ حد الكثرة، فيجب أن يذكر شرح الحادثة بكلام مختصر ليتضح سوق الكلام على القارئ.
القسم الثاني: أن يتم معنى الآية بعمومها، ومن غير احتياج إلى العلم بالحادثة التي هي سبب النزول والحكم؛ لعموم اللفظ لا لخصوص السبب، وقد ذكر قدماء المفسرين تلك الحادثة بقصد الإحاطة بالآثار المناسبة للآية، أو بقصد بيان ما صدق عليه العموم، وليس ذكر هذا القسم من الضروريات، وقد تحققتُ أن الصحابة والتابعين كثيرًا ما كانوا يقولون: نزلت الآية في كذا، وكذا، وكان غرضهم تصوير ما صدقت عليه الآية، وذكر بعض الحوادث التي تشملها الآية بعمومها سواء تقدمت القصة أو تأخرت، إسرائيليًا كان ذلك، أو جاهليًا، أو إسلاميًا، استوعبت جميع قيود الآية أو بعضها، والله أعلم. فعلم من هذا التحقيق أن للاجتهاد في هذا القسم مدخلاً، وللقصص المتعددة هنالك سعة، فمن استحضر هذه النكتة يتمكن من حل ما اختلف من سبب النزول بأدنى عناية). انتهى ملخصًا وبالله التوفيق.
وقال ابن كثير رحمه الله تعالى: (فإن قال قائل: فما أحسن طرق التفسير؟ فالجواب: إن أصح طريق في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن، فما أجمل فما كان فإنه قد بسط في موضع آخر، فإن أعياك ذلك فعليك بالسنّة؛ فإنها شارحة للقرآن موضحة له، بل قد قال الإمام أبو عبد الله
محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله تعالى: كل ما حكم به رسول الله - ﷺ - فهو مما فهمه من القرآن.