إِنْ أَرَدْنَا إِلا إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (٦٢) أُولَئِكَ
الَّذِينَ يَعْلَمُ اللهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (٦٣) وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللهَ تَوَّاباً رَّحِيماً (٦٤) فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً (٦٥) }.
قال الشعبي: كان بين رجل من اليهود ورجل من المنافقين... خصومة، فكان المنافق يدعوا إلى اليهود لأنه يعلم أنهم يقبلون الرشوة، وكان اليهودي يدعوا إلى المسلمين لأنه يعلم أنهم لا يقبلون الرشوة فاصطلحا أن يتحاكما إلى كاهن من جهينة، فأنزل الله فيه هذه الآية: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ﴾ حتى بلغ:... ﴿وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً﴾ وقال قتادة: وذكر لنا أن اليهودي كان يدعوه إلى النبي - ﷺ - ليحكم بينهما، وقد علم أن النبي - ﷺ - لن يجور عليه، فجعل الأنصاري يأبى عليه، وهو يزعم أنه مسلم، ويدعوه إلى الكاهن، فأنزل الله تبارك وتعالى ما تسمعون، فعاب ذلك على الذي يزعم أنه مسلم، وعلى اليهودي الذي هو من أهل الكتاب، فقال: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ﴾ إلى قوله:... ﴿صُدُوداً﴾.
وقوله تعالى: ﴿فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ﴾، يعني: عقوبة حدودهم. ﴿ثُمَّ جَآؤُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنْ أَرَدْنَا﴾، ما
أردنا بالعدول ﴿إِلا إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً﴾، أي: المداراة والمصانعة.... ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ﴾ من النفاق، ﴿فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً﴾. قال الحسن: القول البليغ أن يقول لهم: إن أظهرتم ما في قلوبكم من النفاق قتلتم.
وقوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللهِ﴾. قال مجاهد: