قوله عز وجل: ﴿الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (٢) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (٣) والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٤) أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥) ﴾.
قال الشعبي وغيره: ﴿آلم﴾. وسائر حروف الهجاء في أوائل القرآن، من المتشابه الذي استأثر الله بعلمه، وهي سر القرآن، فنحن نؤمن بظاهرها ونكل العلم فيها إلى الله تعالى. قال أبو بكر الصديق: في كل كتاب سر، وسر الله في القرآن، وأوائل السور. وعن ابن عباس أنه قال: معنى ﴿آلم﴾ : أنا الله أعلم، ومعنى ﴿آلمص﴾ : أنا الله أعلم وأفصل. ومعنى ﴿آلمر﴾ : أنا الله أرى. ومعنى ﴿آلمر﴾ : أنا الله أعلم وأرى. وقال مجاهد: هذه الحروف أسماء السور. وقال آخرون: إنما ذكرت هذه الحروف في أوائل السور، بيانًا لإِعجاز القرآن، وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله؛ وإليه ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية.
قال الزمخشري: (ولم ترد كلها مجموعة في أول القرآن، وإنما كررت ليكون أبلغ في التحدي والتبكيت، كما كررت قصص كثيرة، وكرر التحدي بالصريح في أماكن). انتهى. والله أعلم.
وقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ﴾، يقول تعالى: هذا الكتاب وهو القرآن، لاشك فيه أنه من عند الله تعالى، وأنه الحق والصدق، كما قال تعالى: ﴿آلم * تَنزِيلُ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ﴾.


الصفحة التالية
Icon