وقوله تعالى: ﴿هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ﴾، أي: رشد وبيان لأهل التقوى خاصة، كما قال تعالى: ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ﴾. وقال تعالى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلا خَسَاراً﴾. قال ابن عباس: التقيّ من يتقيّ الشرك والكبائر والفواحش. وأنشد أبو الدرداء:
يريد المرء أن يؤتى مُناه... ويأبى الله إلا ما أراد
يقول المرء: فائدتي ومالي... وتقوى الله أفضل ما استفادا
والتقوى: هي: طاعة الله بامتثال أمره واجتناب نهيه.
وقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ﴾، أي: الذين يصدقون بما غاب عنهم، مما أخبر الله به من أمور الآخرة والقدر وغير ذلك. قال أبو العالية: يؤمنون بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وجنته وناره، ولقائه، ويؤمنون بالحياة بعد الموت وبالبعث، فهذا غيبٌ كله. وعن أبي جمعة رضي الله عنه قال: تغدينا مع رسول الله - ﷺ -، ومعنا أبو عبيدة بن الجراح فقال: يا رسول الله هل أحد خير منا؟ أسلمنا معك وجاهدنا معك قال: «نعم قومٌ من بعدكم يؤمنون بي ولم يروني».