قوله عز وجل: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (١٣) وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهاً لَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً (١٤)
هَؤُلَاء قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً (١٥) وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحمته ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقاً (١٦) ﴾.
قال ابن إسحاق: مرج أهل الإنجيل، وعظمت فيهم الخطايا، وطغت فيهم الملوك حتى عبدوا الأصنام، وذبحوا للطواغيت، وفيهم بقايا على دين المسيح متمسّكين بعبادة الله وتوحيده، فكان ممن فعل ذلك من ملوكهم ملك من الروم يقال له دقينوس، وكان قد عبد الأصنام، وذبح للطواغيت، وقتل من خالفه في ذلك.
وقال مجاهد: كان أصحاب الكهف أبناء عظماء مدينتهم وأهل سوقهم، فخرجوا فاجتمعوا وراء المدينة على غير ميعاد، فقال رجل منهم هو أسنّهم: إني لأجد في نفسي شيئًا ما أظن أن أحدًا يجده، قالوا: ماذا تجد؟ قال: أجد في نفسي أن ربي رب السماوات والأرض، وقالوا: نحن نجد، فقاموا جميعًا: ﴿فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهاً لَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً﴾ فاجتمعوا أن يدخلوا الكهف وعلى مدينتهم إذ ذاك جبار يقال له دقينوس، فلبثوا في الكهف ﴿ثَلَاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً﴾ رقداء.
وعن قتادة: ﴿وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾. يقول: بالإيمان، ﴿إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهاً لَقَدْ قُلْنَا إِذاً
شَطَطاً﴾ يقول: كذبًا. وقال ابن زيد: الشطط الخطأ من القول. وقال ابن كثير: ﴿شَطَطاً﴾، أي: باطلاً، وكذبًا، وبهتانًا.