قوله عز وجل: ﴿كهيعص (١) ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (٢) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيّاً (٣) قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً (٤) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً (٥) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً (٦) ﴾.
عن قتادة قوله: ﴿إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيّاً﴾، أي: سرًا، وإن الله يعلم القلب النقي ويسمع الصوت الخفي، ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي﴾، أي: ضعف، ﴿وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً﴾، قال ابن جريج يقول: قد كنت تعرفني الإجابة فيما مضى، ﴿وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي﴾، قال ابن عباس: يعني بالموالي: الكلالة الأولياء أن يرثوه، فوهب الله له يحيى. قال قتادة: هم العصبة.
وقوله تعالى: ﴿يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ﴾، قال مجاهد: كان وراثته علمًا، وكان زكريا من ذرية يعقوب. وقال الحسن: يرث نبوته وعلمه.
قال البغوي: وقال الزجاج: والأولى أن يحمل على ميراث غير المال، والمعنى: أنه خاف تضييع بني عمه دين الله وتغيير أحكامه، على ما كان شاهد من بني إسرائيل من تبديل الدين وقتل الأنبياء، فسأل ربه ولدًا صالحًا
يأمنه على أمته ويرث نبوته وعمله، لئلا يضيع الدين، وهذا معنى قول عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وقوله: ﴿وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً﴾.