إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ (٨٥) }.
قال البغوي: ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ﴾ بنصرك، ﴿حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ﴾ من العذاب في حياتك، ﴿أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ﴾، قبل أن يحل بهم، ﴿فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ﴾.
قال ابن كثير: أي: فنذيقهم العذاب الشديد في الآخرة. ثم قال تعالى: مسليًا له، ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ﴾، وهم أكثر، ﴿وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾، أي: ولم يكن لواحد من الرسل أن يأتي قومه بخارق للعادات، إلا أن يأذن الله له في ذلك، ﴿فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ﴾ وهو عذابه ﴿قُضِيَ بِالْحَقِّ﴾ فينجي المؤمنون ويهلك الكافرون. ولهذا قال عز وجل: ﴿وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ﴾.
وقوله تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ * وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنكِرُونَ﴾، قال ابن كثير:... ﴿وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ﴾ أي: حججه وبراهينه في الآفاق وفي أنفسكم ﴿فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ﴾ أي: لا تقدرون على إنكار شيء من آياته، إلا أن تعاندوا وتكابروا. وقال البغوي: ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الأرْضِ﴾ يعني: مصانعهم وقصورهم، ﴿فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ﴾، لم ينفعهم، ﴿مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾. ﴿فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا﴾، رضوا بِمَا
عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ. قال مجاهد: هو قولهم: نحن أعلم، لن نبعث ولن نعذب. سمي ذلك: علمًا على ما يدعونه ويزعمونه، وهو في الحقيقة: جهل. ﴿وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾.