فخرجت النار فأقبلت حتى غشيتهم، فأكلت الأوثان وما قربوا معها، ومن حمل ذلك من رجال حمير، وخرج الحبران بمصاحفهما من أعناقهما يتلوان التوراة، تعرق جباههما لم تضرهما، ونكصت النار حتى رجعت إلى مخرجها، الذي خرجت منه، فأصفقت عند ذلك حمير على دينهما، فمن هنالك كان أصل اليهودية في اليمن. وذكر أبو حاتم عن الرقاشي قال: كان أبو كرب أسعد الحميري من التبابعة، آمن بالنبي محمد - ﷺ - قبل أن يبعث بسبعمائة سنة، وذكر لنا أن كعبًا كان يقول: ذم الله قومه ولم يذمه وكانت عائشة تقول: لا تسبوا تبعًا، فإنه كان رجلاً صالحًا. وقال ابن كثير: وكان مما يحفظ من شعره:
شهدت على أحمد أنه... رسول من الله باري النسم
فلو مد عمري إلى عمره... لكنت وزيرًا له وابن عم
وجاهدت بالسيف أعداءه... وفرجت عن صدره كل غم
قال: وذكر أنه ملك على قومه ثلاثمائة سنة وست وعشرين سنة، ولم يكن في حمير أطول مدة منه، وتوفي قبل مبعث النبي - ﷺ - بنحو من
سبعمائة سنة؛ ثم لما توفي عاد قومه إلى عبادة النيران والأصنام، فعاقبهم الله تعالى كما ذكره في سورة سبأ.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ﴾، قال قتادة: يوم يفصل فيه بين الناس بأعمالهم، {يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئاً وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ * إِلَّا مَن