وعجبت لمن يرى الدنيا وتقلّبها بأهلها ثم يطمئنّ إليها، وعجبت لمن أيقن بالحساب غدًا ثم هو لا يعمل». قال: قلت يا رسول الله فهل في أيدينا شيء مما كان في أيدي إبراهيم، وموسى مما أنزل الله عليك؟ قال: «نعم، اقرأ يا أبا ذرّ: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى * بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى * إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى﴾ ». قال: قلت يا رسول الله فأوصني، قال: «أوصيك بتقوى الله فإنه رأس أمرك». قال قلت: يا رسول الله زدني، قال: «عليك بتلاوة القرآن وذكر الله، فإنه ذكر لك في السماء ونور لك في الأرض». قال قلت: يا رسول الله زدني، قال: «إياك وكثرة الضحك، فإنه يميت القلب، ويذهب بنور الوجه». قلت: يا رسول الله زدني، قال: «عليك بالجهاد، فإنه رهبانيّة أمّتي». قلت: زدني، قال: «عليك بالصمت إلا من خير، فإنّه مطردة للشيطان وعون لك على أمر دينك». قلت: زدني، قال: «انظر إلى من هو تحتك، ولا
تنظر إلى من هو فوقك، فإنه أجدر لك أن لا تزدري نعمة الله عليك». قلت: زدني، قال: «أحب المساكين وجالسهم فإنه أجدر لك أن لا تزدري نعمة الله عليك». قلت: زذني. قال: «صل قرابتك وإن قطعوك». قلت: زدني، قال: «قل الحقّ وإن كان مرًّا». قلت: زدني، قال: «لا تخف في الله لومة لائم». قلت: زدني، قال: «يردّك عن الناس ما تعرف من نفسك، ولا تجدْ عليهم فيما تحبّ، وكفى بك عيبًا أن تعرف من الناس ما تجهل من نفسك، أو تجد عليهم فيما تحب - ثم ضرب بيده صدري فقال: - يا أبا ذرّ، لا عقل كالتدبير، ولا ورع كالكفّ، ولا حسب كحسن الخلق». انتهى. والله أعلم.
* * *